المتفرِّد بالعطاء على الحقيقة، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، عطاؤه سبحانه كلام، ومنعه كلام، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وكل ما بالعباد من نعمة فهي من منِّه وعطائه سبحانه، وسع عطاؤه العباد كلهم، مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، هذا في الدنيا، أما يوم القيامة فخص به أولياءه المؤمنين
وهذا الاسم العظيم دال على ثبوت كمال الحكم لله وكمال الحكمة. * أمَّا كمال الحكم فبثبوت أنَّ الحكم لله وحده يحكم بين عباده بما يشاء، ويقضي فيهم بما يريد، لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه أمّا كمال الحكمة فبثبوت الحكمة له سبحانه في خلقه وفي أمره وشرعه، حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها، ولا يتوجه إليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال.
تدل على ثبوت القدرة صفة لله، وأنه سبحانه كامل القدرة، فبقدرته أوجد الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها، وبقدرته يحيى ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن؛ فيكون
الذي قهر جميع الكائنات وذلتْ له جميع المخلوقات، ودانت لقدرت ومشيئته مواد وعناصر العالم العلوي والسفلي، فلا يحدث حادثٌ ولا يسكن ساكنٌ إلا بإذنه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وجميع الخلق فقراء إلى الله عاجزون، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا خيراً ولا شراً. وكونه تبارك وتعالى قهاراً مستلزماً لكمال حياته وكمال عزته وكمال قدرته.
الإحاطة المكانية فقد أحاطت ظاهريته وباطنيَّته بكل ظاهر وباطن، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، كما قال عليه الصلاة والسلام: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"،
فإحاطةُ أوليته وآخريته بالقَبل والبعد، فكل سابق انتهى إلى أوليته، وكل آخر انتهى إلى آخريته، فأوليةُ الله عز وجل سابقة على أولية كل شيء، وآخريته سبحانه بقاؤه بعد كل شيء، فأحاطت أوليتُه وآخريته بالأوائل والأواخر، فما من أول إلا والله قبله، وما من آخر إلا والله بعده
و"البصير" أي: الذي يرى جميع المبصرات، ويبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى جريان الدم في عروقها، ويبصر ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السموات السبع، ويرى تبارك وتعالى تقلبات الأجفان، وخيانات العيون.
السلام من جميع العيوب والنقائص، لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله، فهو جل وعلا السلام الحق بكل اعتبار، سلامٌ في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيَّله وهم، وسلام في صفاته من كل عيب ونقص، وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة، وهو سبحانه السلام من الصاحبة والولد، والسلام من النظير والكفء والسميّ والمماثل، والسلام من الند والشريك